الأحد، 27 سبتمبر 2015

فيلا 69, ومشهد الوداع الأخير


  1. فيلا 69, ومشهد الوداع  الأخير



    تحمست للفيلم منذ أن شاهدت إعلانه للمرة الأولي ، على الرغم من أن دور العرض حصرته في وقت عرض سيء كعادتها في التعامل مع أفلام السينما المستقلة ، إلا أنني استطعت أن اشاهده في التوقت المناسب قبل رفعه من السينمات بأيام قليلة .



المشهد  الأول : الكاميرا تصور النيل ثم يظهر صوت "خالد أبو النجا" في الخلفية :


مش فاكر أوي .. يمكن لما رجعت من باريس بعد 3 سنين ودخلت البيت أول مرة ، لا لا .. يمكن لما خلصت أول مشروع صممته وشوفته كله على بعضه ، أول مرة بوست بنت .. كنت في السينما ، يمكن لما كنت بفطر مع أمي و أبويا كل يوم الصبح .. كان ميعاد مقدس .



ثم يظهر صوت محمد عبد الوهاب في الخلفية بأغينة " كان أجمل يوم " .
لتتركك المخرجة تتسائل ، ماهو أجمل يوم في حياتك ؟



هكذا بدأ فيلم فيلا 69 من إخراج "أيتن أمين" و تأليف " محمد الحاج" و "محمود عزت" .


     تدور أحداث الفيلم عن حياة " حسين" الذي يقوم بدوره "خالد أبو النجا" ، في عرض سريع لآخر أيامه في الحياة ، فـ "حسين" مريض بمرض خبيث سيودي بحياته قريباً فقرر أن يعزل نفسه في منزله و هو فيلا 69 الكائنة على النيل مباشرةً ، مع خادمه "عبد الحميد" الذي اضطر لتركه بحجة أن والده مريض و سيقوم 
 بإجراء عملية .





ليتركه –دون أن يخبره- في أمانة أخته الكبرى "نادرة" و التي تلعب دورها الفنانة "لبلبة" ، فتتحجج بإصلاحات تقوم في منزلها كي تحضر هي و حفيدها و تقيم مع أخيها في منزل والدهما .



     طيلة مدة اختفاء "حسين" عن الأنظار لم يكن يرى سوى خادمه و "هناء" \ "هبة يسري" التي تعمل بصيدلية قريبة و تحضر لإعطائه الدواء ، و "حيدر" \ "أمجد رياض" المهندس الذي ينيب عنه في مكتبه . 

     تزدحم فجأة حياة "حسين" الهادئة بأخته نادرة و حفيدها "سيف" الذي يقوم بدوره "عمر الغندور" و صديقته "آية" التي تقوم بدورها "سالي عابد" ، ليجد نفسه مرة أخرى يندمج في الحياة العامة التي سبق أن عزل نفسه عنها .

حسين يمثل الرجل العجوز سليط اللسان نوعاً العنيف الملتزم بوضعية الهجوم في معظم الأحيان إلا أنه دخل قلب كل من شاهد الفيلم ، فستجد شخصية حسين في كل عائلة ، لم يدخن قط خوفاً على صحته ولكن هذا لم يمنع المرض من ضرب حصونه ومهاجمته ، فبعد أن عرف بمرضه و أن الباقى فى حياته اياما معدودة،  قرر أن ينعزل و يحيط نفسه بمن يحبهم فقط في نوع من الأنانية ، واتصل بحبيبته السابقة " سناء" \ "أروى جودة" لتعود لزيارته.



الفيلم لا يهتم بالأحداث قدر اهتمامه بالتفاصيل ، فطريقة الإخراج التي قدمتها لنا "أيتن أمين" في تصوير النوافذ و الستائر و أصوات المطر وهي تصطدم بالزجاج تشبه كثيراً السينما الإيرانية في تفاصيلها ، وقد لا يصدق المشاهد أن هذا هو العمل الأول للمخرجة .
     
قد يعتري الملل المتفرج الذي لا يهتم بالتفاصيل قدر اهتمامه بالأحداث في بعض المشاهد ،  لكن الفيلم -كما ذكرنا من قبل- عبارة عن رسالة وداع حسين للحياة ، أحداث الفيلم لا تدور في أكثر من أسبوع واحد و التغيير الذي طرأ في حياته جراء ما قامت به شقيقته نادرة و حفيدها و صديقته ، فقرر حسين أن يكون أكثر ودّية فحل أزمة زواج "هناء" و قام بالتنازل عن نصيبه في المكتب الهندسي لـ "حيدر" و وافق على أنه تحضر فرقة "سيف" للتمرين في منزله ، و أن يتوقف عن طرد أخته ويتركها في المنزل حتى يقضي نحبه لتودعه بطريقتها ..
 تظهر ثلاث شخصيات في الفيلم يحتار المتفرج في تفسيروجودهم فملابسهم من السبعينات و يبدو عليهم أنهم من أصدقاء حسين منذ سنوات الدراسة في الجامعة ولا يظهروا سوى في المساء عند ذهابه للنوم ، قد يكونوا من هلاوس المرض أو من تأثير الدواء .









أما عن الموسيقى التصويرية للفيلم فهي غاية في الروعة من تأليف "خالد شكري" مستوحاة من لحن (كان أجمل يوم) لمحمد عبد الوهاب ، و يتخلل بعض المشاهد أكثر من أغنية أو لحن لعبد الوهاب تم دمجه بصورة جيدة مع الاحداث . (يمكن سماع الموسيقي من هنا) او معزوفة على بلد المحبوب من هنا
 الديكور يدل على شخصية حسين الرجل الكبير في السن ، فأثاثه قديم كلاسيكي ، يغلب عليه الطابع الفني و الذوق الفذ للشخصية التي تعيش بالمنزل منعزل عن الحداثة فلا يوجد تلفاز ولا هواتف محمولة ، الديكور من تصميم "شهيرة ناصف" .



  ثم يجيء الحديث عن المكياج الذي قفز بخالد أبو النجا العديد من السنوات فتجعل المشاهد لا يصدق للوهلة الأولى أن هذا هو خالد أبو النجا الفنان الشاب ، دون وجود مبالغات في التنفيذ قام به "طارق مصطفى" .


و من ناحية الأزياء التي عبرت عن الحداثة تارة والكلاسيكية تارة أخرى  فهي من تصميم "نيرة الدهشوري" .


 الفيلم غاية في البساطة يتركك في حالة عجيبة من النشوة و الشغف و الجمال ورغم أنه العمل الأول لأكثر من ممثل في فريق العمل و لكنهم قاموا بالعمل في حرفية شديدة ، أداء الممثلين يمكن اعتباره من نوعية السهل الممتنع  و بداية جيدة لمن أراد منهم السير في طريق الفن .
 يتمتع المشاهد بالقصة الجذابة و بالأداء الساحر ، أما إختيار الفيلا كفيلا لها مكانتها الأثرية عند المهندسين المعماريين كان إختيار موَفق .
والفيلم يضعنا أيضاً أمام تساؤل : إلى متى سيتم إهمال السينما المستقلة و تهميش دورها و حصرها في أوقات غير مناسبة للجمهور بحجة الإيرادات و شباك التذاكر ؟
فقد حصد الفيلم عدة من الجوائز في أكثر من مهرجان ، وبالرغم من ذلك لم يسمع عنه الكثيرين من المشاهدين ولم تتخطى إيراداته النصف مليون جنيه مصري .
فالأفلام التي تقدم نوع راقي من الفن لا تعتبر مشروع مربح للمنتجين ، فشركات الإنتاج و دور العرض تفضل الأفلام البذيئة و المُسفة بإعتبارها ترضي الطبقة العظمى من الجمهور .
في حين أنها تطلق على أفلام السينما المستقلة لقب –أفلام مهرجانات- ، فهل حقاً ذوق المشاهد المصري خصوصاً و العربي عموماً إنحدر إلى ذلك الحد ؟
شاهد الفيلم من هنا



السبت، 26 سبتمبر 2015

Kings speech وعندما تضيع الكلمات



علياء طلعت - التقرير
أحد أشهر  الكوابيس و أكثرها تكرارا أن يكون الأنسان فى مجتمع من الناس ويفقد صوته أو قدرته على الكلام، أن يصرخ فلا يسمعه أحد ، وبداية هذا الفيلم هى أقرب ما يكون لهذا الكابوس ولكن بصورة مخيفة أكثر ..
فدوق يورك وابن الملك هنرى الخامس يقف أمام المئات من الجماهير الذين ينتظرون أن يسمعون كلماته ،فيتلعثم وتضيع منه الكلمات، بالطبع فضيحة للعائلة الملكية خصوصا وأن هذا الحفل منقول كذلك عن طريق الأذاعة ..
هذا هو المشهد الأول من الفيلم الرائع kings speech الفائر بأربع جوائز أوسكار منها أفضل ممثل للعظيم الذى تم إعادة إكتشاف مواهبة فعليا من خلال هذا الدور كولين فيرث و الفيلم كذلك ترشح لثمان جوائز أوسكار أخرى ..
الفيلم يتحدث عن دوق يورك المصاب باللعثمه المرضيه، بالطبع مرض مثل هذا يسبب أذى نفسى ومشاكل كبيرة لأى شخص سواء فى حياته الشخصية أو حياته العمليه لكن لفرد من العائلة الملكية هو كارثة بمعنى الكلمة خصوصاً مع بدء عصر الأذاعة مما جعل من واجبات العائلة الملكية أن تلقى خطابات لرعاياها من وقت لأخر فلم يعد من المستطاع إخفاء هذا السر ..
بالطبع كان هدف الدوق وزوجته الأهم فى حياته أن يحصل على العلاج لتنتهى هذه الحالة، لذلك قام بمقابلة العديد من الأطباء وحاول العديد من العلاجات، البعض أقنعه أن التدخين هو الحل لمشكلته ، فى حين حاول أخر أن يجعله يتكلم بفم ملئ بأحجار صغيرة ولكن من دون جدوى ..
لتصل زوجته إلى د. لونغ فى النهاية، الطبيب الأسترالى صاحب الوسائل المختلفة فى العلاج والذى يرفض أن يذهب هو لعلاج الدوق ويصر على أن يأتى له بنفسه كما يقول فى حواره مع زوجة الدوق إليزابيث "ملعبى و شروطى " فى إشارة إلى أن علاجه للدوق لن يختلف فى أسلوبه عن أى مريض أخر من عامة الشعب   ..
فى اللقاء الأول بين الدوق والطبيب ليونيل لوغ يحدث صدام مابين الأمير الذي لايستطيع التحكم فى كلامه ولا فى غضبه وبين الطبيب الهادئ الذى يصمم على تخطى الحواجز ومعالجته كمريض عادى ويتضح هذا فى إصراره على مناداته بأسمه الأول بدون القاب ويسأله عن بداية الحالة التى لديه والتى يعتقد أنها ليست حالة دائمة ، فى هذا المشهد نتعرف على الأمير ألبرت أكثر ونعرف أن الهدف وراء محاولاته للحصول على العلاج ليس ضيقه من الحبسه الصوتيه قدر رغبته فى الخلاص منها بسبب إلتزاماته الملكية ..
فى هذه الزيارة يقوم ليونيل بعمل إختبار للدوق بأن يجعله يقرأ من كتاب لكن وهو يسمع موسيقى عاليه لدرجه إنه لايستطيع سماع نفسه بعدها يفقد أعصابه ويقرر ترك العلاج بدون أن يسمع صوته لتنتهى جلسته الأولى بطريقة غاية فى الأحباط و لكن قبل مغادرته يعطيه نسخة من الأسطوانة التى سجلها لقرأته  ..
حتى نستطيع أن نتفهم الضغوط التى يتعرض لها الأمير ألبرت يجب أن نعلم بضع معلومات ، فى هذه الفترة من التاريخ كان هتلر يحشد حشوده والعالم كله يستشعر القلق مما سوف يفعله فى أوربا فى مرحلة قبل الحرب العالمية الثانية وعلى المستوى االعائلى كانت العائلة المالكة تعانى من شقاقاُ كبيراُ بسبب ولى العهد والاخ الاكبر للأمير ألبرت والذى يصر على الزواج من امرأة مطلقة وهو ضد قواعد وقوانين الأسرة المالكة والذى من الممكن أن يجلب العار على العائلة مدى الحياة، هذا غير أن هذا الأخ الأكبر يعتبر شخص غير مسئول على كل الأصعدة مما يجعل فى بال الملك دوماً أن الحكم سيئول بشكل أو بأخر للأخ الأصغر البرت ولذلك يجب أن يكون معداً لهذا الحكم ويضغط عليه للتخلص من اللعثمة وهى العقبة الوحيدة التى يواجهها الملك القادم ..
فى إحدى لحظات إحباطه قرر أن يسمع الأسطوانة التى أعطاها له الطبيب ليونيل ربما رغبة منه فى جلد الذات على قصوره الذى لايملك له علاجاً، لكن المفاجأه إنه لم يتلعثم طوال مدة الأسطوانة لذلك يلجأ للطبيب مرة أخرى لتبدأ رحلة العلاج ..
كما قال منذ البدايه ليونيل لوغ "قلعتى ، ملعبى ، شروطى " قام بوضع كل القواعد للعلاج وكان يجب على الأمير فقط التسليم بها والإجتهاد مهما بدت طلبات الطبيب غير منطقية ولكن العلاج يأتى بنتائج سريعة وواضحة مما يشجع الأثنان الطبيب والمريض ..
ولكن على الجانب الأخر لم يمهله الأب الفرصة حتى يحصل على العلاج الكامل بل توفى لتنقلب كل الأمور رأساُ على عقب ، فبوفاة الأب الملك هنرى الخامس يصبح ولي العهد الأمير ديفيد هو الملك وهو كما قلنا الشخص المستهتر الذى لا يبالى بوجباته الملكية قدر إهتمامة بعلاقته مع السيدة الأمريكية التى ترفضها العائلة و يصبح دوق يورك الأمير ألبرت هو ولى العهد الجديد ..
فى هذه المرحلة تنتقل العلاقة بين ليونيل والبرت مابين العلاقة العملية بين الطبيب والمريض إلى الصداقة ،فنجده يتجه له بعد أيام من وفاة والده ويبدأ يتكلم عن ذكرياته وعن علاقته بأبويه وخصوصا والده الذى فى لحظات موته أخبر من حوله أن إبنه البرت هو أفضل أبنائه فى حين إنه فى حياته كان يضغط عليه دوماً ويثقله بالمسئوليات، ننسى هنا إنه أمير ونتذكر إنه إنسان عادى فقد أباه والذى كان يتمنى أن يحصل على إعجابه فى يوم من الأيام ..
نتعرف على الأمير كطفل يحرم من القدرة على اللعب مثل باقى الأطفال لأن هذا لا يلائم الوقار الملكى المطلوب، طفل أعسر يجبر على أن يستخدم يده اليمنى مما قد يكون أحد أسباب التأتأه كذلك ويسخر منه أخيه الأكبر لذلك السبب ،نعرف عن مربيته الأولى التى كانت تكرهه وتحرمه من الطعام وأخيه الأخر الذى مات طفلاً بعيدا ً عن الأنظار لإنه كان مصاباً بالصرع ..
بالطبع يحدث الصراع المتوقع بين ولى العهد البرت والملك الجديد الذى يتنصل من واجباته سواء العائلية او السياسية بسبب شخصيته الضعيفة وعلاقته مع السيدة سمبسن التى سبق لها الزواج مرتان بل ويسعى للزواج منها ضارباً عرض الحائط بكل القوانين الملكية والكنسية، وتحدث المشاجرة الأولى بين البرت وطبيبه حين يخبره ماكان يتهرب من الإعتراف به وهو أن دوره أن يكون الملك وليس ولى العهد لهذا الملك المتخبط وهو مايرفضه كإنسان وكأخ ليتوقف العلاج بعد هذه المشاجرة  ..
و لكن تأتى اللحظة الحاسمة التى يجب أن يختار فيها الملك مابين زواجه من بين واجباته ليختار الحب ويصبح البرت الملك جورج السادس بعد تنحى أخيه عن الحكم و من المنتظر أن يأتى العلاج السابق بأكله فى هذه اللحظة المنتظرة خصوصاً مع حفلات التتويج الرسمية و الخطابات المختلفة التى سوف يلقيها بهذه المناسبة ..
تبدأ مرحلة جديدة فى علاقة ليونيل لوغ و الملك فى هذه المرة وليس مجرد الدوق حيث يساعده فى تجاوز هذه المرحلة الصعبة على عدة أصعدة سواء كطبيب يعلاجه من اللعثمة أو كصديق يدعمه ويحتمل ثوراته على نفسه وعلى كل العالم وخوفه من الفشل ويضغط عليه ليظهر أفضل ماعنده ويعترف فى النهاية إنه لا يعانى من اللعثمة قدر معاناته فى الثقة فى نفسه وفى صوته أمام العالم ..
وتنتهى حفلة التتويج كأفضل مايكون ولكن القصة لا تنتهى فلازال أمام البرت أو الملك جورج السادس الكثير من العقبات وأولها هتلر الذى يرغب فى إجتياح اوروبا ويجب عليه أن يواجهه وينتهى الفيلم بمواجهه أخرى أمام المكيرفون لأعلان الحرب لكن شتان بين المره الأولى التى لم يستطع فيها الكلام أمام البعض فى معرض وبين العالم الذى أنبهر بالملك وهو يستمع إليه أثناء إعلانه الحرب على الطاغية الألمانى ..
ليتحول الأمير المتردد المتعلثم إلى الملك الواثق فى نفسه رمز المقاومة فى رحلة رائعة على مدى ساعتين من المتعة الفائقة ومباراة فى التمثيل بين كولين فيرث فى دور الملك هنرى السادس و جيفرى رش فى دور ليونيل لونغ ..

الجمعة، 25 سبتمبر 2015

Fried Green Tomatoes الصداقة التى من أجلها نقتل



علياء طلعت - التقرير


هذا الفيلم شاهدته بعد أن رشحته لى عدة صديقات على إنه من أجمل الأفلام التى قد يشاهدها المرء فى حياته، لزخم المشاعر والأفكار التى يحفل بها ، و لذلك توقعت أن أجد قصة رومانسية أو عاطفية بين إثنين مع بعض المشاكل وفراق وأشواق وغيرها من المشاعر المعتادة لكن فؤجئت أن المشاعر التى اللاتى كن يقصدنها كانت مشاعر الصداقة التى تغمر هذا الفيلم ..

تسير الأحداث فى خطين متوازيين ، خط فى الماضى و خط فى الحاضر وفى النهاية سوف يلتقى هذان الخطان ولكن دعنا لانستبق الأحداث ولنتعرف على الأبطال فى البداية نلتقى بإيلفين السيدة المتزوجة والتى تحتفظ فى حقيبتها طوال الوقت بالمأكولات والحلويات وتذهب مع زوجها إلى دار للعجزة لزيارة إحدى قريباته فتلتقى هناك بالعجوز نينا وتتعرف عليها وتبنى معها علاقة صداقة متينة ، فى البداية كانا يتكلمان فقط عندما تذهب للزيارات مع زوجها ولكن بعد ذلك تتوطد هذه العلاقة حتى نجدها تذهب وحدها لزيارة صديقتها العجوز ..

           


إيدجى و روث


فى هذه الزيارت تقوم هذه الصديقة بالحديث عن  قصة حدثت فى الماضى ،قصة صداقة تجمع بين فتاتين هن إيدجى وروث التى تبدأ منذ طفولة إيدجى الفتاة المتمردة التى لاتشعر بجمالها وترتبط إرتباط شديد بأخيها الكبير بادى فهو الوحيد الذى يفهمها فى العالم فى حين أن روث هى خطيبة بادى المنتظرة ومن هنا تبدأ العلاقة لكن فى حادثة أليمة تفقد الإثنان بادى لتنطوى إيدجى أكثر على نفسها ..

تتحول إيدجى مع الزمن إلى شخصية أكثر أنطوائية  بعد صدمتها فى فقدان أخيها المفضل و سندها الحقيقى ، فنراها فى البداية تنطوى على نفسها فى الغابة ترفض التعامل مع البشر ثم تبدأ فى التحسن تدريجياً وتكبر على هذا الحال، فهى الفتاة التى تقوم بالحصول على العسل من خلية النحل بأيديها العاريتين و تقود السيارة فى زمن كانت القيادة مهمة رجالية بحته ، وتصطاد أسماك العشاء فى حين مثيلاتها يقمن بالتطريز و الحياكة  ..

و حين يتعب أبواها من محاولة إصلاحها يأتيانها بخطيبة إبنهما السابقة التى كبرت هى الأخرى لتصبح فتاة ناضجة ورقيقة ،و كان الهدف من الجمع بين الفتاتين أن تعمل روث على تهدئة طبع إيدجى وتحويلها من هذه الشخصية العنيفة إلى فتاة رقيقة مثلها ..


فى الفترة التى أنقطعت بها علاقة روث وإيدجى كانت الأخيرة قد أجتازت سن المراهقة كفتاة صعبة المراس  فى حين أن شخصية  روث تبلورت فى هيئة الفتاة الجميلة الرقيقة أبنة قس البلدة ، و لذلك كان المطلوب من روث مساعدة إيدجى  فى تهدئة طبعها لكن الذى حدث هو العكس تماماُ ، فإيدجى من ساعدت روث على إعادة أكتشاف نفسها ،فخلف هذا المظهر الرقيق لفتاة تعيش دوماً فى عالمها الحالم ،نجد فتاة تمتلئ بالحيوية تستشعر الحياة بكل كيانها ترغب فى الحصول على بعض المرح من وقت لأخر، وفى هذا الوقت توطدت العلاقة بين الفتاتين ليصبحا كأختان حتى نكتشف فى النهاية أن روث مصيرها زيجة مرتبة سوف تتم بعد أيام..

بعد الزواج توقعت إيدجى أن تستمر علاقتها بصديقتها إن لم يكن كما كانت من قبل فعلى الأقل تطمئن عليها من وقت لاخر ، لكن الذى حدث هو العكس فكل الأبواب وجدتها موصدة فى وجهها ، وحين ذهبت لملاقاه روث فى منزلها تطلب منها الأخيرة أن تذهب و مشاعر الخوف تكسو وجهها ..
و بعد أن تفقد إيدجى الأمل فى إعادة التواصل بينهما يصلها خطاب من روث ليغير مجرى الأحداث ، فى هذا الخطاب تطلب روث المساعدة من إيدجى التى تهرع إليها لتنقذها من زوجها الذى يقوم بضربها وإهانتها طول مدة الزواج وأحتملت صابرة حتى علمت إنها حامل بطفل منه لم ترد تربيته مع هذا الأب القاسى المريض وقررت الخروج من هذا السجن بأسم الزواج ..
كان على روث أن تستجمع نفسها بعد هذه التجربة القاسية التى مرت بها، هى الان مسئولة عن نفسها وعن طفلها الذى ستنجبه و تقرر لأول مره أن تستلم زمام حياتها لتخطط هى لنفسها ، لذلك قامت مع صديقتها بإنشاء مشروعهما الخاص وإفتتاح المطعم الخاص بهما والذى ينجح نجاح كبير ..

إلى أن يقرر الزوج أن يعود مرة أخرى لينغص عليهما حياتهما و يحاول إختطاف الطفل فقط لتعذيب روث ثم فى مفاجأة يُقتل..

 حتى النهاية يظن الجميع حتى روث أن القاتل هو إيدجى لحماية صديقتها من بطش هذا الزوج لكن لا يوجد أى دليل على ذلك يدين إيدجى ولا حتى جثة فيتم إغلاق القضية..

كان من المتوقع أن تنتهى حكاية روث و إيدجى هنا نهاية سعيدة لكن للأسف تكون نهاية قصتها بوفاة روث بين يدى صديقتها لتقوم بتكملة مشوارها وتربية إبنها من بعدها ..














نينا وإيفيلين

نترك الفتاتين ونرجع لإيفيلن ، نجد ان إيفيلن طوال الوقت تحاول أن تدخل فى دورات تدريبة لتنمية النفس ولحل المشاكل الزوجية  و محاولة إشعال جذوة الحب مرة أخرى وترجع إلى المنزل لتحاول أن تطبق ما تعلمته مع زوجها لتجد إنه لا يريد منها سوى طبق من الطعام الذى يسهل أكله أمام التلفاز و أن تصمت حتى يستطيع مشاهدة المباريات المختلفة فتحول إحباطها هذا إلى تناول الطعام و قصة روث وإيدجى تمنحها التسلية فى البداية إلى أن تمنحها الإلهام المطلوب لتغيير حياتها ..

فمثلاً عندما وصلت نينا إلى الجزء الذى تتكلم فيه عن شجاعة إيدجى وروث فى بداية حياة جديدة و إنشاء مطعمهما الخاص ـتشعر إيفلين أن هذه قد تكون علامة لها لتغيير حياتها هى ايضاً بيديها وتبحث عن رضائها عن ذاتها عن طريق نفسها وليس من خلال علاقة زواجها فتقوم بتغيير شخيصتها تدريجياُ وتقرر أن تفقد وزنها الزائد والدفاع عن نفسها بدلا من البكاء قهراُ عندما تتعرض لمواقف سلبية ..

التغييرات الإيجابية التى حدثت فى شخصيتها إنعكست بعد ذلك إيجابياُ على علاقتها بزوجها وعلى علاقتها بنفسها لتقرر فى النهاية أن تدعو العجوز من دار العجزة لتنتقل لتحيا معها إمتناناُ منها بعلاقة الصداقة التى أعادت صياغة حياتها ..



الخطوط تتلاقى :



كما قلنا منذ البداية ان الفيلم يسير فى خطين زمنين متوازيين يجمع بينهم العجوز التى تقوم بقص حكاية ايدجى و روث ونعلم فى النهاية أن هذه العجوز هى إيدجى نفسها ،لتنقذ إيدجى فعلياً حياة سيدتين ،روث حين كانت شابه  وإيفيلن فى شيخوختها

علاقة الصداقة فى هذا الفيلم كانت بالفعل منقذة فمن دون نينا أو إيدجى العجوز لما أستطاعت إيفيلن أن تتعرف على مواطن ضعفها لتستطيع أن تتخطاها وتغير من نفسها ، وتتحول من السيدة التى تحاول إنقاذ زواج يحكمة الملل إلى شخصية أخرى محبة لذاتها مقتنعة بها تأخذ وتعطى فى علاقة الزواج من دون ضغوط ولا إحباطات ..

و فى علاقة روث وإيدجى فالصداقة المتبادلة أعطت إيدجى روث الثقة فى نفسها، الثقة التى جعلتها تخرج من علاقة زواج فاشلة مع زوج همجى عنصرى لتبدأ حياة جديدة فى مشروع يؤمن لها عيشها هى وأبنها دون الإعتماد على الأخرين، و أعطت روث إيدجى المحبة والقبول المطلق التى كانت تحتاج إليهما لتستطيع نفسها أن تستقر ...

فى النهاية أرشح هذا الفيلم بدورى لأى شخص يبحث عن فيلم راقى عن علاقات إنسانية متميزة إن لم يرهف مشاعره فعلى الأقل سوف يستمتع بساعتان من الفن الراقى ..