علياء طلعت - التقرير
هذا الفيلم شاهدته بعد أن رشحته لى عدة صديقات على إنه من أجمل
الأفلام التى قد يشاهدها المرء فى حياته، لزخم المشاعر والأفكار التى يحفل بها ، و
لذلك توقعت أن أجد قصة رومانسية أو عاطفية بين إثنين مع بعض المشاكل وفراق وأشواق
وغيرها من المشاعر المعتادة لكن فؤجئت أن المشاعر التى اللاتى كن يقصدنها كانت
مشاعر الصداقة التى تغمر هذا الفيلم ..
تسير الأحداث فى خطين متوازيين ، خط فى الماضى و خط فى الحاضر وفى
النهاية سوف يلتقى هذان الخطان ولكن دعنا لانستبق الأحداث ولنتعرف على الأبطال فى البداية نلتقى بإيلفين السيدة المتزوجة والتى تحتفظ فى
حقيبتها طوال الوقت بالمأكولات والحلويات وتذهب مع زوجها إلى دار للعجزة لزيارة
إحدى قريباته فتلتقى هناك بالعجوز نينا وتتعرف عليها وتبنى معها علاقة صداقة متينة
، فى البداية كانا يتكلمان فقط عندما تذهب للزيارات مع زوجها ولكن بعد ذلك تتوطد
هذه العلاقة حتى نجدها تذهب وحدها لزيارة صديقتها العجوز ..
إيدجى و روث
فى هذه الزيارت تقوم هذه الصديقة بالحديث عن قصة حدثت فى الماضى ،قصة صداقة تجمع بين فتاتين
هن إيدجى وروث التى تبدأ منذ طفولة إيدجى الفتاة المتمردة التى لاتشعر بجمالها
وترتبط إرتباط شديد بأخيها الكبير بادى فهو الوحيد الذى يفهمها فى العالم فى حين
أن روث هى خطيبة بادى المنتظرة ومن هنا تبدأ العلاقة لكن فى حادثة أليمة تفقد الإثنان
بادى لتنطوى إيدجى أكثر على نفسها ..
تتحول إيدجى مع الزمن إلى شخصية أكثر
أنطوائية بعد صدمتها فى فقدان أخيها المفضل و سندها الحقيقى ،
فنراها فى البداية تنطوى على نفسها فى الغابة ترفض التعامل مع البشر ثم تبدأ فى
التحسن تدريجياً وتكبر على هذا الحال، فهى الفتاة التى تقوم بالحصول على العسل من خلية
النحل بأيديها العاريتين و تقود السيارة فى زمن كانت القيادة مهمة رجالية بحته ، وتصطاد
أسماك العشاء فى حين مثيلاتها يقمن بالتطريز و الحياكة ..
و حين يتعب أبواها من محاولة إصلاحها
يأتيانها بخطيبة إبنهما السابقة التى كبرت هى الأخرى لتصبح فتاة ناضجة ورقيقة ،و كان
الهدف من الجمع بين الفتاتين أن تعمل روث على تهدئة طبع إيدجى وتحويلها من هذه
الشخصية العنيفة إلى فتاة رقيقة مثلها ..
فى الفترة التى أنقطعت بها علاقة روث وإيدجى
كانت الأخيرة قد أجتازت سن المراهقة كفتاة صعبة المراس فى حين أن شخصية روث تبلورت فى هيئة الفتاة الجميلة الرقيقة
أبنة قس البلدة ، و لذلك كان المطلوب من روث مساعدة إيدجى فى تهدئة طبعها لكن الذى حدث هو العكس تماماُ ، فإيدجى
من ساعدت روث على إعادة أكتشاف نفسها ،فخلف هذا المظهر الرقيق لفتاة تعيش دوماً فى
عالمها الحالم ،نجد فتاة تمتلئ بالحيوية تستشعر الحياة بكل كيانها ترغب فى الحصول
على بعض المرح من وقت لأخر، وفى هذا الوقت توطدت العلاقة بين الفتاتين ليصبحا
كأختان حتى نكتشف فى النهاية أن روث مصيرها زيجة مرتبة سوف تتم بعد أيام..
بعد الزواج توقعت إيدجى أن تستمر علاقتها
بصديقتها إن لم يكن كما كانت من قبل فعلى الأقل تطمئن عليها من وقت لاخر ، لكن
الذى حدث هو العكس فكل الأبواب وجدتها موصدة فى وجهها ، وحين ذهبت لملاقاه روث فى
منزلها تطلب منها الأخيرة أن تذهب و مشاعر الخوف تكسو وجهها ..
و بعد أن تفقد إيدجى الأمل فى إعادة التواصل
بينهما يصلها خطاب من روث ليغير مجرى الأحداث ، فى هذا الخطاب تطلب روث المساعدة
من إيدجى التى تهرع إليها لتنقذها من زوجها الذى يقوم بضربها وإهانتها طول مدة
الزواج وأحتملت صابرة حتى علمت إنها حامل بطفل منه لم ترد تربيته مع هذا الأب القاسى
المريض وقررت الخروج من هذا السجن بأسم الزواج ..
كان على روث أن تستجمع نفسها بعد هذه التجربة
القاسية التى مرت بها، هى الان مسئولة عن نفسها وعن طفلها الذى ستنجبه و تقرر لأول
مره أن تستلم زمام حياتها لتخطط هى لنفسها ، لذلك قامت مع صديقتها بإنشاء مشروعهما
الخاص وإفتتاح المطعم الخاص بهما والذى ينجح نجاح كبير ..
إلى أن يقرر الزوج أن يعود مرة أخرى لينغص
عليهما حياتهما و يحاول إختطاف الطفل فقط لتعذيب روث ثم فى مفاجأة يُقتل..
حتى
النهاية يظن الجميع حتى روث أن القاتل هو إيدجى لحماية صديقتها من بطش هذا الزوج
لكن لا يوجد أى دليل على ذلك يدين إيدجى ولا حتى جثة فيتم إغلاق القضية..
كان من المتوقع أن تنتهى حكاية روث و إيدجى
هنا نهاية سعيدة لكن للأسف تكون نهاية قصتها بوفاة روث بين يدى صديقتها لتقوم
بتكملة مشوارها وتربية إبنها من بعدها ..
نينا وإيفيلين
نترك الفتاتين ونرجع لإيفيلن ، نجد ان إيفيلن
طوال الوقت تحاول أن تدخل فى دورات تدريبة لتنمية النفس ولحل المشاكل الزوجية و محاولة إشعال جذوة الحب مرة أخرى وترجع إلى
المنزل لتحاول أن تطبق ما تعلمته مع زوجها لتجد إنه لا يريد منها سوى طبق من
الطعام الذى يسهل أكله أمام التلفاز و أن تصمت حتى يستطيع مشاهدة المباريات
المختلفة فتحول إحباطها هذا إلى تناول الطعام و قصة روث وإيدجى تمنحها التسلية فى
البداية إلى أن تمنحها الإلهام المطلوب لتغيير حياتها ..
فمثلاً عندما وصلت نينا إلى الجزء الذى تتكلم
فيه عن شجاعة إيدجى وروث فى بداية حياة جديدة و إنشاء مطعمهما الخاص ـتشعر إيفلين
أن هذه قد تكون علامة لها لتغيير حياتها هى ايضاً بيديها وتبحث عن رضائها عن ذاتها
عن طريق نفسها وليس من خلال علاقة زواجها فتقوم بتغيير شخيصتها تدريجياُ وتقرر أن
تفقد وزنها الزائد والدفاع عن نفسها بدلا من البكاء قهراُ عندما تتعرض لمواقف
سلبية ..
التغييرات الإيجابية التى حدثت فى شخصيتها
إنعكست بعد ذلك إيجابياُ على علاقتها بزوجها وعلى علاقتها بنفسها لتقرر فى النهاية
أن تدعو العجوز من دار العجزة لتنتقل لتحيا معها إمتناناُ منها بعلاقة الصداقة
التى أعادت صياغة حياتها ..
الخطوط تتلاقى :
كما قلنا منذ البداية ان الفيلم يسير فى خطين
زمنين متوازيين يجمع بينهم العجوز التى تقوم بقص حكاية ايدجى و روث ونعلم فى
النهاية أن هذه العجوز هى إيدجى نفسها ،لتنقذ إيدجى فعلياً حياة سيدتين ،روث حين
كانت شابه وإيفيلن فى شيخوختها
علاقة الصداقة فى هذا الفيلم كانت بالفعل
منقذة فمن دون نينا أو إيدجى العجوز لما أستطاعت إيفيلن أن تتعرف على مواطن ضعفها
لتستطيع أن تتخطاها وتغير من نفسها ، وتتحول من السيدة التى تحاول إنقاذ زواج
يحكمة الملل إلى شخصية أخرى محبة لذاتها مقتنعة بها تأخذ وتعطى فى علاقة الزواج من
دون ضغوط ولا إحباطات ..
و فى علاقة روث وإيدجى فالصداقة المتبادلة
أعطت إيدجى روث الثقة فى نفسها، الثقة التى جعلتها تخرج من علاقة زواج فاشلة مع
زوج همجى عنصرى لتبدأ حياة جديدة فى مشروع يؤمن لها عيشها هى وأبنها دون الإعتماد
على الأخرين، و أعطت روث إيدجى المحبة والقبول المطلق التى كانت تحتاج إليهما
لتستطيع نفسها أن تستقر ...
فى النهاية أرشح هذا الفيلم بدورى لأى شخص
يبحث عن فيلم راقى عن علاقات إنسانية متميزة إن لم يرهف مشاعره فعلى الأقل سوف
يستمتع بساعتان من الفن الراقى ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق