علياء طلعت - التقرير
من شاهد مجموعة أفلام قراصنة الكاريبى
يتخيل القراصنة دوماً على هيئة جونى ديب القرصان خفيف الظل الذكى ذو التصرفات
الطريفة والمشية الغريبة والذى نتعاطف معه ضد الجنود والضباط الذين يحاولون سلبه سفينته
لكن المؤكد أن القراصنة ليسوا بظرافة جونى ديب ونتعرف على هذه الحقيقة عن قرب من
خلال هذه الفيلم كابتن فيلبيس ..
الفيلم من بطولة الرائع توم هانكس الذى
يثبت من وقت لاخر إنه يعشق الافلام عن قصص حقيقية مثل فيلمه السابق أبوللو 13 و لكن هذه
المرة يختار فيلم مأخوذ من قصة تقترب من واقعنا العربى بشكل أو بأخر ..
نبذة عن ظاهرة القرصنة الصومالية ..
قبل بدأ الحديث
عن الفيلم فلنتعرف أولا عن قرب على كارثة القرصنة الصومالية التى تهدد العديد من
السفن ،بدأت هذه الظاهرة عندما قام الرئيس سياد برى فى أثناء فترة حكمة بالعمل على
تنمية صناعة صيد الاسماك و ذلك من خلال المساعدات الدولية وأسطول للصيد البحرى
وتصدير الانتاج للخارج ونجح هذه الأمر كثيراً ولكن بعد سقوط حكم برى وإندلاع الحرب
الأهلية تدهورت الصناعة مثل كثير من الصناعات الأخرى فى الصومال ..
ثم بدأت السفن
الأجنبية فى أعمال الصيد فى الساحل الصومالى مما دفع بعض الصيادين لأعتراض هذه
السفن ومصادرة ماتحمله ثم تطور الأمر إلى احتجاز السفن و طلب الفدية وعندما تم دفع
الفدية أكثر من مرة أنتبه أمراء الحرب إلى هذا العمل السهل ذو الأرباح السريعة
والعالية وبالعملات الأجنبية ..
ومن هنا بدأت القرصنة المنظمة على السواحل الصومالية حيث
قاموا هؤلاء بتسهيل أعمال القرصنة وحمايتها وبالطبع إقتسام الغنائم مع القراصنة ..
عودة إلى الفيلم ..
نرجع إلى الفيلم
الذى تدور أحداثه عن حادثة قرصنة شهيرة حدثت عام 2009 على سفينة بضائع ضخمة تابعة
لشركة مارسك ، نتعرف فى البداية على الكابتن فيلبس القبطان العملى المحب لعائلته
والذى يذهب فى رحلته الطويلة والمهمة بالنسبة لمساره المهنى ولكنه لم يكن يعلم المفاجآت
التى كانت فى إنتظاره خلال هذه الرحلة ..
تسير الرحلة فى
البداية فى مسارها الطبيعى والعادى حتى تبدأ الأحداث تخرج عن السيطرة حين تبدأ
محاولات مجموعة من القراصنة الأستيلاء على السفينة ، قد تستغرب كيف هذا القارب الصغير
مع هذا العدد القليل من القراصنة قادرين على الإستيلاء على هذه السفينة فائقة
الضخامة ،لكن السر فى الأسلحة التى يمتلكها هؤلاء القراصنة وعامل أخر أهم هو أن
ليس لديهم شيئاً ليخسروه ..
ومن المعروف أن
أكثر إنسان يجب أن يتم خشيته هو الذى لايملك شئ يخسره ،هم شباب يعيشون حياة غاية
فى البؤس والفقر حتى عمليات القرصنة التى يقومون بها لا يأخذون منها غير الفتات
،لا يهمهم حياتهم من موتهم وأغلب الوقت تحت تأثير المخدرات مع كل هذه الظروف و
التسليح وكون السفينة التى يهاجمنوها سفينة غير مسلحة وعليها مجموعة من العاملين
المدنيين يجعل من عملية القرصنة كأخذ الحلوى من طفل صغير ..
يبدأ القراصنة فى
مهاجمة السفينة العملاقة والتى تحاول الدفاع عن نفسها برشاشات المياه ولكن ليس
للابد خصوصا مع بطء السفينة بسبب حجمها
يجعلها هدفاُ سهلا ليصعدوا إليها فى نهاية الأمر ..
يبدأ جزء مختلف
من الأحداث عندما يستولى القراصنة على السفينة ،فطاقم الإبحار يختبئ عن الأنظار
ولا يظل فى الكابينة الأساسية الخاصة بالقيادة سوى القبطان وإثنين من المساعدين
ويجن جنون القراصنة حين يعلمون أن السفينة خالية من الأموال أو البضائع المهمة
التى قد يستطيعون سرقتها بل مجرد مواد غذائية ويحاولون إنقاذ مايمكن إنقاذه بأخذ الطاقم
كرهينة لكنهم مختفيين ويبدؤون فى رحلة بحث عن أفراد الطاقم حتى يحدث إشتباك بين
مجموعة من العاملين على السفينة وقائد القراصنة يؤدى إلى أخذه هو كرهينة ..
لم يكن أمامهم حل سوى الأستسلام وترك السفينة عن طريق
زروق الطوارئ ولكن فى اللحظة الأخيرة تنقلب الأوضاع رأساً على عقب بإختطافهم
الكابتن فيلبس وإنطلاقهم ..
بالطبع إختطاف
مواطن أمريكى وطلب فدية مكسب كبير للقراصنة وعار كبير يلحق بالحكومة الأمريكية لذلك
تم بعث مجموعة من أمهر الجنود لتحرير الكابتن فيلبس ليأخذ الفيلم منحى مختلف ..
يهمنى هنا
التركيز على ماكان يدور بداخل مركب الطوارئ أكثر من التركيز على تفاصيل عملية
الإنقاذ التى رأيناها عشرات المرات فى الأفلام الأمريكية ، ففى داخل السفينة
الصغيرة يفقد القراصنة سطوتهم السابقة ويتحولوا لثلاث من الشباب الذى الذين ظنوا
إنهم يملكون كل أوراق اللعب لكن المغامرة التى مارسوها قبل ذلك عشرات المرات تنقلب
لشئ مختلف بقواعد أكثر تعقيداً ..
فخطف سفينة ودفع
فدية امر ولكن خطف الكابتن ودفع حكومته الفدية أمر أكبر بالتأكيد، ففيه إهانة
للحكومة وكذلك فتح باب أوسع لهذا النوع من الممارسات الإجرامية وكان الصوماليين
الثلاثة يعلمون ذلك ،لذلك توتر الأجواء بداخل السفينة الضيقة بشدة ..
الحوار مابين
الكابتن فيليبس و قائد القراصنة كان من أكثر عوامل الجذب فى هذا الفيلم خصوصاً
داخل المركب الصغيرة عندما تزداد الحرارة وتقل مياه الشرب الموجوده ،يحاول وقتها
أن يتباهى الخاطف بقدراته وإنه قام فى العام الماضى بخطف سفينة وحصل على 6 ملايين
دولار فدية لها فيخبره إنه من الواضح إنه لايملك مثل هذا المبلغ فى إشارة إلى أن
هذه العمليات التى يقوم بها العائد منها يذهب إلى رؤس أكبر بينما فى حالة الفشل هو
من يعاقب ..
فى حيلة من المجموعة
الذى تم إرسالها لتحرير الكابتن يتم خداع قائد القراصنة بإنه يجب أن يترك السفينة
ويصعد إليهم ليتفاوض بنفسه ويصدق الحيلة وبذلك يظل فى قارب النجاة ثلاثة فقط من
الخاطفين مع الرهينة ومع تصاعد توترهم يوشكون على قتله لتضطر القوات الأمريكية إلى
قتلهم فى النهاية والقبض على قائدهم وتحرير الكابتن فيلبس أخيراً..
ومن أعظم مشاهد
توم هانكس هو مشهد النهاية حين يتم قتل الخاطفين ولايصدق إنه لازال حياً وأن هذه
الدماء التى تغطية لاتخصه ،ثم إنهياره أثناء الكشف الطبى عليه للتأكد من حالته
الصحية وسلامته لنرى الرجل الذى تمالك أعصابه طوال هذه الأحداث الرهيبة التى مر
بها فى بضع ساعات فقط يبكى ليخرج كل الخوف والقلق الذى عاشهما..
الفيلم مقابل الأحداث الحقيقية ..
هذا الفيلم مثل
غيره من الأعمال التى تقتبس عن أحداث حقيقة لا ينقلها بحذافيرها بل يضيف عليها بعض
الأشياء ويحذف منها البعض الأخر لإنه مهما كانت الحقيقة مشوقة فالعمل الفنى يجب أن
تكون أكثر تشويقاً..
من الأشياء التى
تم إضافتها على هذه الفيلم إضفاء طابع البطولة على كابتن فيلبس ، نعم لايستطيع أحد
أن يدحض ان الرجل ضحية لأحداث مؤلمة لكن كابتن فيلبيس فى الحقيقة لم يقف أمام
أسلحة القراصنة ليخبرهم أن يقتلوه بدل أحد أفراد طاقمه ،وكذلك لم يدخل إلى الزورق
بكامل إرادته الحرة كما حدث فى الفيلم بل تم أخذه رهينة من قبل ذلك ، بل أن بعض
أفراد طاقمه فى الحقيقة قاموا بمقاضاه شركة مارسك المالكة للسفينة وأتهموا الكابتن
فيلبس بإنه كان السبب فى هذه الأحداث بسبب قرارته الخاطئة ومنها العبور من هذه
المنطقة المهددة ..
كما أن فى أحداث
الفيلم نجد أن الكابتن فيلبس تم حجزه كرهينة لمدة يوم ونص تقريبا لكن فى الحقيقة
إنه ظل لمدة 5 أيام كاملة فى القارب قبل أن يتم تحريره وقتل القراصنة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق