- فيلا 69, ومشهد الوداع الأخير
تحمست للفيلم منذ أن شاهدت إعلانه للمرة الأولي ، على الرغم من أن دور
العرض حصرته في وقت عرض سيء كعادتها في التعامل مع أفلام السينما المستقلة ، إلا
أنني استطعت أن اشاهده في التوقت المناسب قبل رفعه من السينمات بأيام قليلة .
المشهد الأول : الكاميرا تصور النيل ثم
يظهر صوت "خالد أبو النجا" في الخلفية :
مش فاكر أوي .. يمكن لما
رجعت من باريس بعد 3 سنين ودخلت البيت أول مرة ، لا لا .. يمكن لما خلصت أول مشروع
صممته وشوفته كله على بعضه ، أول مرة بوست بنت .. كنت في السينما ، يمكن لما كنت
بفطر مع أمي و أبويا كل يوم الصبح .. كان ميعاد مقدس .
ثم يظهر صوت محمد عبد الوهاب في الخلفية بأغينة " كان أجمل يوم " .
لتتركك المخرجة تتسائل ، ماهو أجمل يوم في حياتك ؟
هكذا بدأ فيلم فيلا 69 من إخراج "أيتن أمين" و تأليف " محمد
الحاج" و "محمود عزت" .
تدور أحداث الفيلم عن حياة "
حسين" الذي يقوم بدوره "خالد أبو النجا" ، في عرض سريع لآخر أيامه
في الحياة ، فـ "حسين" مريض بمرض خبيث سيودي بحياته قريباً فقرر أن يعزل
نفسه في منزله و هو فيلا 69 الكائنة على النيل مباشرةً ، مع خادمه "عبد
الحميد" الذي اضطر لتركه بحجة أن والده مريض و سيقوم
بإجراء عملية .
ليتركه
–دون أن يخبره- في أمانة أخته الكبرى "نادرة" و التي تلعب دورها الفنانة
"لبلبة" ، فتتحجج بإصلاحات تقوم في منزلها كي تحضر هي و حفيدها و تقيم
مع أخيها في منزل والدهما .
طيلة مدة اختفاء "حسين" عن
الأنظار لم يكن يرى سوى خادمه و "هناء" \ "هبة يسري" التي
تعمل بصيدلية قريبة و تحضر لإعطائه الدواء ، و "حيدر" \ "أمجد
رياض" المهندس الذي ينيب عنه في مكتبه .
تزدحم فجأة حياة "حسين" الهادئة
بأخته نادرة و حفيدها "سيف" الذي يقوم بدوره "عمر الغندور" و
صديقته "آية" التي تقوم بدورها "سالي عابد" ، ليجد نفسه مرة
أخرى يندمج في الحياة العامة التي سبق أن عزل نفسه عنها .
حسين
يمثل الرجل العجوز سليط اللسان نوعاً العنيف الملتزم بوضعية الهجوم في معظم
الأحيان إلا أنه دخل قلب كل من شاهد الفيلم ، فستجد شخصية حسين في كل عائلة ، لم
يدخن قط خوفاً على صحته ولكن هذا لم يمنع المرض من ضرب حصونه ومهاجمته ، فبعد أن
عرف بمرضه و أن الباقى فى حياته اياما معدودة،
قرر أن ينعزل و يحيط نفسه بمن يحبهم فقط في نوع من الأنانية ، واتصل
بحبيبته السابقة " سناء" \ "أروى جودة" لتعود لزيارته.
الفيلم
لا يهتم بالأحداث قدر اهتمامه بالتفاصيل ، فطريقة الإخراج التي قدمتها لنا
"أيتن أمين" في تصوير النوافذ و الستائر و أصوات المطر وهي تصطدم
بالزجاج تشبه كثيراً السينما الإيرانية في تفاصيلها ، وقد لا يصدق المشاهد أن هذا
هو العمل الأول للمخرجة .
قد يعتري الملل المتفرج الذي لا يهتم
بالتفاصيل قدر اهتمامه بالأحداث في بعض المشاهد ، لكن الفيلم -كما ذكرنا من قبل- عبارة عن رسالة
وداع حسين للحياة ، أحداث الفيلم لا تدور في أكثر من أسبوع واحد و التغيير الذي
طرأ في حياته جراء ما قامت به شقيقته نادرة و حفيدها و صديقته ، فقرر حسين أن يكون
أكثر ودّية فحل أزمة زواج "هناء" و قام بالتنازل عن نصيبه في المكتب
الهندسي لـ "حيدر" و وافق على أنه تحضر فرقة "سيف" للتمرين في
منزله ، و أن يتوقف عن طرد أخته ويتركها في المنزل حتى يقضي نحبه لتودعه بطريقتها
..
تظهر ثلاث شخصيات في الفيلم يحتار المتفرج في تفسيروجودهم فملابسهم من السبعينات و يبدو عليهم أنهم من أصدقاء حسين منذ سنوات الدراسة في الجامعة ولا يظهروا سوى في المساء عند ذهابه للنوم ، قد يكونوا من هلاوس المرض أو من تأثير الدواء .
تظهر ثلاث شخصيات في الفيلم يحتار المتفرج في تفسيروجودهم فملابسهم من السبعينات و يبدو عليهم أنهم من أصدقاء حسين منذ سنوات الدراسة في الجامعة ولا يظهروا سوى في المساء عند ذهابه للنوم ، قد يكونوا من هلاوس المرض أو من تأثير الدواء .
أما
عن الموسيقى التصويرية للفيلم فهي غاية في الروعة من تأليف "خالد شكري"
مستوحاة من لحن (كان أجمل يوم) لمحمد عبد الوهاب ، و يتخلل بعض المشاهد أكثر من
أغنية أو لحن لعبد الوهاب تم دمجه بصورة جيدة مع الاحداث . (يمكن
سماع الموسيقي من هنا) او معزوفة على بلد المحبوب من هنا
الديكور يدل على شخصية حسين الرجل الكبير في السن ، فأثاثه قديم كلاسيكي ، يغلب عليه الطابع الفني و الذوق الفذ للشخصية التي تعيش بالمنزل منعزل عن الحداثة فلا يوجد تلفاز ولا هواتف محمولة ، الديكور من تصميم "شهيرة ناصف" .
الديكور يدل على شخصية حسين الرجل الكبير في السن ، فأثاثه قديم كلاسيكي ، يغلب عليه الطابع الفني و الذوق الفذ للشخصية التي تعيش بالمنزل منعزل عن الحداثة فلا يوجد تلفاز ولا هواتف محمولة ، الديكور من تصميم "شهيرة ناصف" .
ثم يجيء الحديث عن المكياج الذي قفز بخالد
أبو النجا العديد من السنوات فتجعل المشاهد لا يصدق للوهلة الأولى أن هذا هو خالد
أبو النجا الفنان الشاب ، دون وجود مبالغات في التنفيذ قام به "طارق
مصطفى" .
و من ناحية الأزياء التي
عبرت عن الحداثة تارة والكلاسيكية تارة أخرى
فهي من تصميم "نيرة الدهشوري" .
الفيلم غاية في البساطة يتركك في حالة عجيبة من النشوة و الشغف و الجمال ورغم أنه العمل الأول لأكثر من ممثل في فريق العمل و لكنهم قاموا بالعمل في حرفية شديدة ، أداء الممثلين يمكن اعتباره من نوعية السهل الممتنع و بداية جيدة لمن أراد منهم السير في طريق الفن .
يتمتع المشاهد بالقصة الجذابة و بالأداء الساحر ، أما إختيار الفيلا كفيلا لها مكانتها الأثرية عند المهندسين المعماريين كان إختيار موَفق .
الفيلم غاية في البساطة يتركك في حالة عجيبة من النشوة و الشغف و الجمال ورغم أنه العمل الأول لأكثر من ممثل في فريق العمل و لكنهم قاموا بالعمل في حرفية شديدة ، أداء الممثلين يمكن اعتباره من نوعية السهل الممتنع و بداية جيدة لمن أراد منهم السير في طريق الفن .
يتمتع المشاهد بالقصة الجذابة و بالأداء الساحر ، أما إختيار الفيلا كفيلا لها مكانتها الأثرية عند المهندسين المعماريين كان إختيار موَفق .
والفيلم يضعنا أيضاً أمام
تساؤل : إلى متى سيتم إهمال السينما المستقلة و تهميش دورها و حصرها في أوقات غير
مناسبة للجمهور بحجة الإيرادات و شباك التذاكر ؟
فقد حصد الفيلم عدة من الجوائز في أكثر من مهرجان ، وبالرغم من ذلك لم يسمع عنه الكثيرين من المشاهدين ولم تتخطى إيراداته النصف مليون جنيه مصري .
فالأفلام التي تقدم نوع راقي من الفن لا تعتبر مشروع مربح للمنتجين ، فشركات الإنتاج و دور العرض تفضل الأفلام البذيئة و المُسفة بإعتبارها ترضي الطبقة العظمى من الجمهور .
في حين أنها تطلق على أفلام السينما المستقلة لقب –أفلام مهرجانات- ، فهل حقاً ذوق المشاهد المصري خصوصاً و العربي عموماً إنحدر إلى ذلك الحد ؟
شاهد الفيلم من هنافقد حصد الفيلم عدة من الجوائز في أكثر من مهرجان ، وبالرغم من ذلك لم يسمع عنه الكثيرين من المشاهدين ولم تتخطى إيراداته النصف مليون جنيه مصري .
فالأفلام التي تقدم نوع راقي من الفن لا تعتبر مشروع مربح للمنتجين ، فشركات الإنتاج و دور العرض تفضل الأفلام البذيئة و المُسفة بإعتبارها ترضي الطبقة العظمى من الجمهور .
في حين أنها تطلق على أفلام السينما المستقلة لقب –أفلام مهرجانات- ، فهل حقاً ذوق المشاهد المصري خصوصاً و العربي عموماً إنحدر إلى ذلك الحد ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق